
التطليق للضرر والشقاق بين الزوجين ، قال به الإمام مالك، وهو أصح القولين عند الحنابلة، والمعمول به في قوانين الأحوال الشخصية في كثير من البلاد العربية.
ذلك أن الحياة الزوجية، تصبح بالشقاق والنزاع المستحكم جحيما وبلاء، والشقاق بين الزوجين مجلبة لأضرار كبيرة، لا يقتصر أثرها على الزوجين فقط بل يتعداهما، إلى ما خلق الله بينهما ، من ذرية، وإلى كثيرين ممن له بهما علاقة قرابة أو مصاهرة، والضرر يزال، يقول تعالى : ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا).
وبهذا أخذ القانون، حيث قررت الفقرة الأولى من المادة (117) من قانون الأحوال الشخصية الإماراتي أنه:
1. لكل من الزوجين طلب التطليق للضرر الذي يتعذر معه دوام العشرة بالمعروف بينهما ولا يسقط حق أي منهما في ذلك، ما لم يثبت تصالحهما.
2 . تتولى لجنة التوجيه الأسري وفقاً للمادة (16) من هذا القانون، الإصلاح بين الزوجين، فإن عجزت عنه عرض القاضي الصلح عليهما ، فإن تعذر وثبت الضرر حكم بالتطليق
ومفاد ذلك، أنه يحق لكل من الزوجين طلب التطليق للضرر، الذي يتعذر معه دوام العشرة بينهما ، ولإن كان الزوج يملك حق إيقاع الطلاق – حين الضرر- بإرادته المنفردة، فإنه لا يصح أن يمنع عنه حق طلب التطليق للضرر والشقاق كي لا تتخذ الزوجة المشاكسة من إساءتها وسيلة إلى إجباره على طلاقها دون مقابل، فتحمله خسارة كبيرة، من نفقة العدة ، وباقي المهر، والمتعة، فضلا عن خسارة الزوجة نفسها.
ولكن يتعين على القاضي حينما يتقدم إليه أحد الزوجين، طالبا التطليق للضرر، أن يتحقق ابتداء من أن الضرر الذي يحتج به طالب التطليق من النوع الذي يتعذر معه دوام العشرة الزوجية أي أن الضرر قد بلغ حداً من الجسامة والخطورة بحيث لم يعد يستطاع معه بقاء الحياة الزوجية بينهما ، فليس أي ضرر يصح أن يتخذ ذريعة لطلب التطليق، وهذه ناحية هامة تصبح الحياة الزوجية بدونها ، ريشة في مهب الريح.
ماهية الضرر وأنواعه :
من المقرر أن لكل من الزوجين طلب التطليق للضرر، متى وقع على الزوج الآخر من زوجه أي نوع من أنواعه بالقول أو الفعل، ولو لم يتكرر إيقاع الإيذاء بشرط أن يكون الضرر فاحشا ، وسواء أكان هذا الضرر ماديا أم معنويا ، وسواء طال أحد الزوجين، أو والديهما ، أو أسرتهما ، ما دام يتعذر معه العشرة ولا يشترط في الضرر الفاحش أن يتكرر في المشهور من المذهب المالكي
فالضرر يشمل الضرر المادي الجسماني، أو المعنوي، كالشتم والسب والرمي بالأعراض، كما يشمل الهجر بلا مسوغ شرعي.
ومعيار الضرر الذي يصيب أحد الزوجين، ويتعذر معه دوام العشرة بينهما ، والذي لا يكون بين أمثالهما عادة، وهو معيار شخصي، يختلف باختلاف بيئة الزوجين ودرجة ثقافتهما ، والوسط الاجتماعي الذي يحيط بهما.



Leave a comment